الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية

الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية
محمد حسين بكر فى كتب كتابه

الأب

(1)
البحث عنه مازال مستمرا ، نعم .. البيت العتيق الجاثم هناك على ضفة نهر " الوراق " ذلك البيت الذى جرى فى فنائه إخوتى ، وصعدوا معه دورا دورا ، خمسة أدوار ، ومات الاب فوق السطوح ..وبداء السقوط ووجدت الأخوة يمسكون بى من ذراعى ويكدسون الاثاث البالى القديم على عربة نصف نقل ، بينما أمى تتشح بالسواد ومنديل لا لون له ، باهت وقذر تتمخط فيه وتبكى ، ومن يومها وأنا أسمع أشياء عديدة عن البيت ، وأشياء كثيرة عن " أبى " أبى .. يقولون إنه طويل ، أسمر ، نحيف ، حليمى الوجه صارم الملامح ، وقد نبتت فى عينيه الطيبة ، سألت أمى أن تحكى لى عنه ، وتسولت صورته من ذكريات أخوتى وكنت أقضى الليالى الطويلة محاولا رسم جبهته أو عينيه الطيبة ، سألت أمى أن تحكى لى عنه ، وتسولت صورته من ذكريات أخوتى وكنت أقضى الليالى الطويلة محاولا رسم جبهته أو عينيه فلا أستطيع . صار البيت شيئا مخيفا ، ماض ، تاريخ يتحدث عنه أخوتى بمنتهى الفخر والعزة ، وكلنى .. لا أعرفه يقولون إن للبيت رائحة خاصة به ، رائحة لن تعوضهم عنها مصر الجديدة والشوارع الممهدة ، ولا السيارات الفارهة " أنا لا أريد البيت .. أنا أريد أن أعرف أبى ".
ما زلت أذكر .. ناظر المدرسة فى " بدلته الترجال اللبنى "
- أصل .. أصل
- ولا أصل ولا صورة . أبوك .. نريد أباك
- أبوه ميت