الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية

الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية
محمد حسين بكر فى كتب كتابه

أخر ساعة


التوى الأسفلت عند محطة البنزين على ناصية " سينما ديانا " ووقفنا ننتظر الأتوبيس " 82 الذى يراقبنا !"
تضحك قائلة لوا أرادوا معرفة أين نحن .. فقد يقومون بتعليق كاميرا فى هذا الاتوبيس إنه يذهب الى حيث نحن معا دائما .. " أبو الريش .. العتبة .. مجرى العيون .. شبرا .. خلوصى " إنها دعابة .. لم لا تضحك ..؟" .. عارفه سليمان الحلبى اختبأ هنا ، كانت المحطة دى .. حديقة كبيرة .. تسمى حديقة الأزبكية .. طعن "كليبر " بالخنجر وجرى الى هنا .. ينزف حتى وجده الجنود الفرنساوية تأخر 825 على غير العادة .. ضحكت شامتة .. لو أنه يتأخر هكذا على الدوام .. لوجدوا بعد تعليق الكاميرا على الشريط صورة واحدة ثابتة للموقف ولإشارة مرور مزدحمة .. ها ها هاى ..
- أنا جائعة ..!
- جعلت من الجريدة شمسية تقيها حرارة الشمس النازلة كالمطارق على روؤس الجميع وسرنا الى حيث شارع الالفى .. كانت " الدكك" الخشبية مزدحمة تماما .. وعلى كل دكة أثنان عشاق .. أو أثنان عشاق ورجل له كرش ضخم يضع حقيبته ما بين ساقيه ويلتهم سندويتش طعمية ، أو ثلاث سيدات عجائز يتحدثن عن ارتفاع الاسعار وطفلة صغيرة تهرول وراء العشاق بأكياس المناديل " والنبى ربع جنيه ربنا يخلى لك القمر .. يستركم .. والنبى يا أبله والنبى يا أستاذ " كان الجميع يأكلون الفول والطعمية بينما حاتى الالفى قابع على الناصبة الاخرى من الشارع الذى لم تعد تمرق منه السيارات يتململ .. فى ضيق وحارسه يتابع مؤخرات الفتيات المارقات يترجرجن ويشعل سيجارة من أخرى ..
كان المطعم مزدحما للغاية .. دخلت هى .. من الباب العمومى وعادت فى يدها قصاصة ورق وشنطة بلاستيك ومن الباب الفرعى ناولت رجلا يرتدى نظارة سميكة .. الورقة والشنطة وربع جنيه ورجع الرجل بعد أن غاب ثوانى بالسندويتشات .. سمعتها تقول ..
لا لا .. أنا قلت .. عاوزة علبة طرشى كبيرة .
- كبيرة
- أيوه
دخلت إحدى الدكك فهرولت إليها .. عادت تبتسم ابتسامة واسعة " عارفة نابليون بونابرت " كان ساكن هنا فى سرايا الالفى بك ، كان يقوم ببنائها قبل قدوم الحملة .. لم يهنأ بها .. سكنها نابليون ورجاله .. وعندما رحل نابليون تمركز فيها " كليبر" ، وكانت كل المنطقة حديقة واسعة .. ربما لم يكون مكاننا هذا هو المكان الذى قتل فيه سليمان الحلبى .. كليبر ..
- يا سلااام
- أه والله
- طب وانا مالى .. كل .. كل أحسن
- حاضر .. هووه انتى بتكرهى التاريخ
- لأه
- طب ليه
- مش وقته
- طيب ..!!
بدأت الشمس تهرب الى خلف البنايات العتيقة .. وبدأت فلول جديدة تأتى الى شارع الالفى .. وكأنها كتائب للعشاق ..
أختفت " الكروش " والنظارات السميكة والسيدات العجائز وحل مكان كل ذلك بناطيل جينز .. وشعور منفوشه وضحكات صاخبة وكان أحد الأكشاك .. بجوارالمطعم تتسرب منه موسيقى صاخبة وعالية جدا .. والشباب يمرحون ويتراقصون ..
- عارفه ؟
- إيه ؟
- نابليون كان بيعمل حفلات هنا .. نعم وكان الفرنساوية يتراقصون حتى الصباح تماما تماما .. مثلما نفعل الان .
- طيب .. تشرب حاجة ساقعة !
- أيوه ..
كنا نجلس الى جوار كابينة تليفون عمومية .. اقترب شاب من الكابينة وأدخل الكارت الممغنط وناول السماعة لإحدى الفتيات
- أيوه يا ماما .. ورايا درس .. أيوه هاتأخر شوية .. وانصرف الشاب والفتاة .. وضحكنا بأعلى ما فينا
- عارف ؟
- إيه ؟
- نفسى أتكلم فى التليفون .. علشان أقعد ساعة كمان
- عارفه ؟
- أوعى تقول نابليون كان بيعمل كده !!