الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية

الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية
محمد حسين بكر فى كتب كتابه

أرحمنى يارب ..لاننى اليك اصرخ اليوم كله

(1)
- " أنا مجنون .. وملعون وبتاع نفسى وأنانى .. إستريحوا بقى "
ربما ولكننى والحمد لله أنا أيضا ولعلنى لست الوحيد .. نعم لست ذلك الشخص الوحيد الذى يقيم لذاته وهو يستنشق رائحة احتراق فحمة قلبه ورائحة الشياط المنبعثة من عظامه والكهرباء القاتلة التى تصعيق امسياتى كل لحظة ...
- محاكمـــة
وبلا هيئة دفاع .. فقط قضاه .. قساة لهم ملامح غليظة وأنياب ذئاب، وأبدو كالحمل الوديع المسالم فوق فراشى المدخن الملتهب وهم يحاكموننى ، وتوجه الى الاسئلة وتكال كذلك الاتهامات وبلا رحمة ومن وجوه أعرفها ـ أولئك – الأعدقاء – وهو لفظ مركب معقد بسيط " من العداوة والصداقة " بل الأمور تتعدى ذلك بل هناك غير الوجوه أشياء وجوامد وكذلك حيوانات .. ولكن الحيوانات تكتفى بالبكاء لأجلى .. " الدم بيحن على رأى أمى " .
- أنا مجنون .. وملعون وبتاع نفسى وعميل وجبان وسافل .. إستريحوا بقى .. وأثناء تلك المحاكمة – العادلة – أجدنى أغنى بلحن غامق وبأغنية شفافة " رايحة فين يا بيضا يا أم شعر أصفر ، رايحة أجيب الورد وأجيب سكر " وعندما تيسر لى الحال ساعتئذ أبتاع " بأثنين جنيه جبن رومى " وزجاجة براندى " وبصوت ممطوط ومطلى بالدماء المتخثرة أغنى أغنية من أروع ما غناه البنى آدميين على وجه الأرض " خمسة عشر رجلا وزجاجة – براندى – " والتى هى فى الحقيقة " خمسة عشر رجلا وزجاجة نبيذ "
ودقيقتئذ يخرج الرجال الخمسة عشر ليؤازروننى فى – المحاكمة – بعدما تأخذنى رياح الكحول الغرب غرب عكسية المطيرة وأبكى ؟!
ويتحول الفراش الى سفينة مبحرة فى وسط شلالات الماضى ونهر العمر الساذج .. ووسط براند الكرمه الصافى ( معمل جورج خريستو 120 PRAND V A KY)
خمسة عشر رجلا يلتفون من حولى بالمقهى " نقيا معا .. نحشو أفواهنا بالسباب والشتائم ونلتهم الجرائد المملة ، عندئذ يضحك منى " مصطفى كبده " عندما أصرخ باصقا على اللافتات التى تملأ الشوارع فى موسم الانتخابات " روحى تلفت أيامى إنطفأت ، وإنما القبور لى وحدى دائما ما كان " ريمون " الذى هو سمين ويمتلك ملامح الملك فاروق بتلك الكلمات .. تفوه !!
يتبق فقط ثلاثة عشر إمرأة فى الحقيقة ... ؟! – فأنا مجنون - ؟!! وكاذب وملعون وبتاع نفسى وأنانى وفضائحى وسفاااح .. قاتل "
" لا تستريحوا الآن كفاية راحة بقى " !!!
" نعم قتلت .. ومين أناااس كثيرة " مثلا تلك المرأة التى تقطن بالعمارة القديمة هى وأبناء لها ، ولد له أنف كالإصبع وولد غامق اللون وبنت شقراء أرتبت فى تلك المرأة البريئة الطاهرة ، ظللت أراقبها ، طلقها زوجها .. ثم عادت إليه لتمارس معه الحب فى دار المسنين ... أنا أعلم ذلك ، قتلت أيضا " إبنتى " نعم فلقد أنجبت من إمرأة روسية الجمال والصنع بنت جميلة .. كانت تغدق على بالنقود .. قابلتها فى شارع جامعة الدول العربية وعلى مقهى " رنووش " إتفقنا على الزواج ؟! نعم !!.. هاهاهاى ... المرأة الروسية كانت حامل .. حامل .. حامل .. ومتورمة القدمين لا دخل لكاظم الساهر فى الموضوع .. نحيفة لها ملامح العنزة .. وكنت أليفا جدا معها .. دخلنا الى " شارع الأشجار خلف مسجد دكتور مصطفى محمود " والليل معتم والسماء تمطر .. وكابل كهرباء مفتوح .. وهى ممسكة بالبنت الطفلة التى تشبه الى حد ما القطة الشيرازى ثم دفعتها بقدمى .. تطايرت الشرارات .. أصابتها صعقة كهربائية .. ولم تصرخ .. وتركتها ومضيت فى الطريق لمقابلة " فتاتى " الرائعة ..." مااالك " " مفيش " ثم ... أخبرتها بأن علاقتنا مريبة بالفعل
وإن أرتداؤها للحجاب فيه تصنع ، الجميع يعرفون " الفيش والتشبيه " الذى يملأ صحيفة سمعتك بالمنطقة ، هروبك الى الاسكندرية ، غيابك عن أهلك لمدة أسبوعين ، الناس تنسى ... إلا أنا .. خوفك الدائم من الكشف عليك لدى الطبيب .. حديثك الدائم عن الفضيلة والأخلاق .. أمك متعددة العلاقات .. علاقتنا معا .. عريك الدائم قبل الحجاب .. تتحدثين عن " عمرو خالد وعمرو دياب " بنفس الاسلوب ...ياااه .. أنا مجنون .. حقد أقاربك ذلك الشخص المرتشى على الدوام والذى يعمل محضر بأحد المحاكم .. وكيف تسرقين نقوده .. ولا يلومك ثم قضية الخلع التى كسبتها أمراته عليه لتتزوج ولد صغير تافه .. له لحية ويتحدث كثيرا عن " الجان " والذى منه " كل واحد يتحدث عن اللى ناقصه " أنا مثلا مجنون ... ولا أدع أننى ينقصنى الجنوون ، بل أنا فى حاجة اليه بالفعل .. مذنب مذنب غير حقيقى ؟!!
- والله حقيقى – أستريحوا ؟!!
(2 )

يتنفس الصبح ، أخرج للشارع ، تفوح من فمى " رائحة السبرتو " أبحث عن أى شىء أكله .. أريد أن أتقيأ .. بطنى خاوية ، أدخن بشراهة .. " السيجارة تجرى ورا الثانية " وهكذا ؟!!
أرى الفتيات يتقافزن فوق أحجار وضعها أهالى الشارع عقب الأمطار كراقصات " باليه " حاذقات .. بل أمهر فراقصة البالية حتى تفتح الحوض تتخلى عن " غشاء بكارتها – وتحمل شهادة طبية بذلك " كما أخبرتنى المرأة الروسية التى قتلتها " فهن قد تخلين عن عذريتهن بإرادتهن الكاملة .. مليء شارعنا بقصص الحب العفنة "
ربما انا الوحيد الذى باستطاعته ان يضع النقاط فوق الحروف ولا يستطيع أن يضع النقود بداخل حقائبهن لذلك فأنا " مجنون " .. وملعون وبتاع نفسى وأنانى .. إستريحوا بقى "
- تلسع قفاى أشعة الشمس – مرق الشيخ طاهر ..
- أنت سكران على طول كده .. ليه يا أبنى حراام أبوك ماكنش كده أبدا .. سكران ليه ؟
- علشان أسابق ظلى .. يا شيخ ..؟
- فكرتنى يا واد يا " معاوية " بالست وأغانى زمااان
- ما بلاش نتكلم فى الماضى يا شيخنا عمرو دياب قال كده
- اسفخس عليك وعلى اللى جابوك
- هىء هىء هاهاهاى .. حلاوتك يا شيخنا ؟! يا بتاع الحاجات اللى أنا بأعملها دلوقتى طيب " فيزا الكويت " وأبقى كويس خذنى معااك السفرية الجاية
ينصرف الشيخ .. تاركا الكلاب من حولى .. فى عيون تلك الكلاب دموع .. خافتة .. غير مضيئة ومعتمة تماما .. إلا أنها تشبه الى حد ما .. عيونى العسلية عندئذ .. أغنى .. " طلعت يا محلا نورها .. البنت الامورة .. تخرج لتثرثر فى تليفونها المحمول .. تمرق الى جوارى ..الوحيدة التى أثق فى طهارتها ..وبرائتها .. ( ربنا ساترها مع مادونا الشارع )
يمكن علشان هيه الوحيدة التى ترجع بعد الثانية صباحا .. بمكياجها الكامل .. وأثناء المحاكمة والتى تبك فيها الحيوانات لأجلى .. خاصة الكلاب وعلى رأى أمى " الدم بيحن ".