الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية

الضحكة اللى من القلب سببها فرحة حقيقية
محمد حسين بكر فى كتب كتابه

ترنيمة برج الدلو

يسكب أنغامه على الطرقات ، أنا ما أصاحبش .. أنا أتصاحب بس ، الفعل له رد فعل وردود أفعالى ما تظنه المستحيل ، أبكى على ما ضاع من يد غيرى وأشكر الرب جل وعلا على أنه أودعه يدى ، البنات الكثيرات اللائى أحببن خيانتى لا يدركن ان عشقى لهن كان تجربة لمشاهد فيلم التكوين ، وتقطير الحزن لأبيه حواديت بحانات الحكى ، طالعى نذير شؤوم وشعارى غراب أبيض صديق للعديد وأرفض مصادقة روحى ، يوم ميلادى رمادى ممتلىء بالغيمات الناعسة بكبد المساء تومض بالنور أشعة شمس العصارى الباردة ، فأصرخ بالضحكات فوق كف القابلة مبرك ولد ...
وكأنى المنتظر لأعود بما ضاع فى الاندلس وقرطبة ، وأول الحجاج بالقدس عقب التحرير ، مع أنى عائق لكتابة سير الابطال ولا أحلم لأن اسطع على الاحبار بالمطابع بطلا ، يخكى عنى .
الماضى يبدأ غدا ، يابنت السلطان حين أنكش شعرك أمام لوحة نارمر بالوجه القبلى واودع حكايتنا مكتبة الاسكندرية ، وبعد أسكندرية ليه ؟ وأسكندرية كمان وكمان يكون الفيلم الغامق ، ياريت حبتين اسكندرية لأجل الحبايب بحلف الناتو و أضع أكليلا من الزهور فوق قبر الشهيد يحيى الطاهر عبدالله .
وأقص شريطا جديدا له لون البنفسج ايذانا بعودة مقهى متاتيا ، ومقهى ايزافتيش ، واملم صحبة الغد لنشطب 11 سبتمبر من فوق جبين الصمت ، وتدرس لا تصالح بالمدارس الخاصة .
وحين أستفيق على صرير عجلة سيارة مسرعة أتذكر ان الصحفى يموت وديته جريدة ونعى ، أجوف يا تمثال الحقائق ، ظالم يا لون الكاكى ببذلة الشهيد وأقرا طالعى يوم ميلادى .
لا داعى للثرثرة فى كلام فارغ فأغلق التليفزيون على عناوين الأخبار ويسألنى ابن أخى عمو الاعلانات أمتى
.

الأب

(1)
البحث عنه مازال مستمرا ، نعم .. البيت العتيق الجاثم هناك على ضفة نهر " الوراق " ذلك البيت الذى جرى فى فنائه إخوتى ، وصعدوا معه دورا دورا ، خمسة أدوار ، ومات الاب فوق السطوح ..وبداء السقوط ووجدت الأخوة يمسكون بى من ذراعى ويكدسون الاثاث البالى القديم على عربة نصف نقل ، بينما أمى تتشح بالسواد ومنديل لا لون له ، باهت وقذر تتمخط فيه وتبكى ، ومن يومها وأنا أسمع أشياء عديدة عن البيت ، وأشياء كثيرة عن " أبى " أبى .. يقولون إنه طويل ، أسمر ، نحيف ، حليمى الوجه صارم الملامح ، وقد نبتت فى عينيه الطيبة ، سألت أمى أن تحكى لى عنه ، وتسولت صورته من ذكريات أخوتى وكنت أقضى الليالى الطويلة محاولا رسم جبهته أو عينيه الطيبة ، سألت أمى أن تحكى لى عنه ، وتسولت صورته من ذكريات أخوتى وكنت أقضى الليالى الطويلة محاولا رسم جبهته أو عينيه فلا أستطيع . صار البيت شيئا مخيفا ، ماض ، تاريخ يتحدث عنه أخوتى بمنتهى الفخر والعزة ، وكلنى .. لا أعرفه يقولون إن للبيت رائحة خاصة به ، رائحة لن تعوضهم عنها مصر الجديدة والشوارع الممهدة ، ولا السيارات الفارهة " أنا لا أريد البيت .. أنا أريد أن أعرف أبى ".
ما زلت أذكر .. ناظر المدرسة فى " بدلته الترجال اللبنى "
- أصل .. أصل
- ولا أصل ولا صورة . أبوك .. نريد أباك
- أبوه ميت

قط الشوارع

أخاف من أن تأتى الأمطار .. فى شتاء لا أمتلكه وكذلك أن يجف البحر أدخارى مصاريف الذهاب للغردقة .

1- " معاوية ضد معاوية "
قررت عدم الذهاب لاحتفالية صاخبة عنوانها " تأبينى "
فقط ، لأن قبل الموعد بساعات قد صدمتنى سيارة نقل عام .
2 – " خيانة "
كل الورود اختبأت عند دخولى الحديقة بصحبتها وكأن الورود ترفض القطاف لأننى قد بدلت " فتاتى " بأخرى يعلم الجميع بدون أستثناء موعد زفافنا القريب .
3- " القطار الغامض "
أنا " معاوية " عندما صبغت شعرى مثل لاعبى كرة القدم ، لم يحترق القطار العائد بى للقرية النائية بأقاصى الصعيد ، ربما أعتقدوا كونى سائحا !
4- " تشابه "
البضاعات الصينية فوق الارصفة ، عندما سألت البائع عن سر التشابه الغريب فى ملامحهم ، أجابنى ..كلكم أيضا لكم أسم واحد ، وهو " محمد "
أجبته على الفور .. هذا غير صحيح ، فأنا أسمى " معاوية "
ضحك وقال وهو يشير الى سيارة على الأسفلت
بل أقصد هذه
ورأيت " سيارة مرسيدس "

التكرار لا يفيد الشطار

(1)
أنزلق الهوة لحض أرادته ، إتباع الشمس من بياعين الهوا ، عاد بكفى حنين ، توضأ بالدموع ونام .. لم يحدث شىء فى قانون الوجود ، الشمس ساطعة والجو رائق ، العيال استيقظوا بدفع يد أمهم فى ظهورهم العارية .. خلا البيت إلا منها ومنه .. تدفعه براحتها .. ماات وهو الصدمة على رأسها .. كيف .. يا نهار أسود .. لا إله إلا الله ..
ماات .. كمدا .. أتى الأولاد من المدارس .
كانت النسوة من الجيران يقومن بكنس الحارة ورش المياه وقد ارتدين الأسود من ثياب خرجت الجنازة بسرعة وبسرعة أكثر قد تم بناء السرادق ، وبكاسيت ضخم تايوانى الصنع .. تم وضع شريط قرأن .. ومن حين لآخر ترقع إحدى النساء .. صرخة مدوية .. تؤازر صرخاتها .. ربما تذكرت تلك المرأة زوج أخت أو حبيبا او قريب أو أخا غرق فى النهر منذ زمن ليس ببعيد أما هى .. " فأسماعيل " لم يترك لها معاشا .. أخر النقود كانت للتأشيرة الضرورية .. وأخر المصاغ كان ضياعه فى تجهيز خرجته .. كان موتا وخراب ديار ولولا .. الحاج رزق ربنا يطيب خاطره لما وجدت مدفنا لابو العيال .
- أنتى على لحم بطنك يا اختى .. كلى يا حبة عينى ؟!
رمت المرأة البيض المسلوق بين أناملها ووضعته فى فم " أم العيال "
حاولت المضغ تقيأت .. " الدنيا بعد مرار يا اسماعيل "
(2)
· سفر لأه .. أنا ماربتش وشقيت وتعبت علشان تغيبوا عن عينى
كانت سيرة السفر .. تفتح الجرح القديم منذ مات "اسماعيل "
منذ ضحك عليه الخواجة " كسويلهو" الجواهرجى .. وبيعه اللى وراه واللى قدامه واشترى له تأشيرة مضروبة فبات موجوعا .. وقد سخرت منه صحبة المقهى بقى يا اهطل الشعر الشايب ده كله ... ولساك عبيط الان يريد " محمد " أن يسافر .. بكالوريوس الهندسة مركون يا أمى .. والبكالوريوس الذى لا يستخدم ..يعطل ويضيع .. كل أصحابى سافروا .."
حاولت أن تثنى عزمه .. الحاج رزق حاول أثناءه عن عزمه الذى لا يلين دماغه ناشفه .. هيطلع لمين اسماعيل كان كده ..
وسافر " محمد " وفرح .. " على " بالدراجة واستطاعت " دينا " شراء الطقم الصينى لزوم تجهيز الجواز .. وكذلك الفرن الكهربائى ..
ولأول مرة تابع .. " بكر " ماتشات الاهلى .. بالالوان ..
الاهلى أحمر مش أسود .. والمصرى أخضر مش رمادى
(3)
عاد " محمد " مهموما .. الأخوات كبرت .. عاد كبيرا عجوزا .. وكان " اسماعيل " خرج من تربته .. عندما رأته " فايزة " تمتمت أعوذ بالله .. مين " أسماعيل" – أنا محمد يا امه .. ابنك يا حبيبى يا ابنى .. ونام .. على صدرها .. تلآلأت الدموع فى عين " فايزة " الغربة أكلت من عمرك يا حبة عينى .. وتوحشت بلاد النفط عليك دخلوا على بعض .. زى الوحوش التافهة .. وسرقوا تحوويشة عمرك كان بكر لتوه قد تخرج .. من الحقوق ..
عندما اتى يوم .. ودخل على " فايزة " كان يبدو .. مثل أخيه قبل السفر كان يرتدى حلة " التجنيد الزيتى " ... أعدت له أخته " دينا " الفوطة وماكينات الحلاقة .. كان ذاهبا .. للحرب؟! لينصر الفئة المغلوبة على أمرها .. من أستوحاش الفئة الباغية .. المتنمرة .
قوم يا اسماعيل .. سلم على أخوك
كانت تنادى محمد باسم أبيه .. علشان ما يغيبش حسه من " البيت .. لم يقم محمد من نومه ماات مثل أبيه .. ليس بسبب التأشيرة المضروبة بل .. لن الحدود كلها مضروبة
..

الدماء الجائعة - أسطورة من بلدة الاساطير

(1)
الدمـــاء
الشبح المغتال منذ القدم ، يعود فى الليالى المعتمة ، ليكسر دماءهن ويرتشفها رويدا رويدا .. فى الصباح .. لا يتبقى شىء .. إلا صوت الالحان المتوترة ، وعندما يزحف الليل بصحبة الغبش تبدأ صرخات البنات ، لذلك نادت الأم عليها مفزوعة لا تخرجى يا ابنتى فالأشباح تأتى لتلتهمكن أيتها البرئيات .. إلا أنه جاء .. ليدق الباب ، ظنته الشبح .. كان الامير العاشق .. أمسكت العذراء بالبارودة التى كانت محشوة بالموت وأطلقت النيران .. فى الصباح .. وجدته متجلطا فى دمائه .. ممسكا بوردة حمراء وقيثارة .. ترى هل كان عللا الأمهات حشو عقول العذارى بالأساطير .. ربما لأنهن .. يقسمن على الدوام بكونهن قد شاهدنه .. الشبح المغتال منذ القدم الذى يأتى فى الليالى المعتمة ليغلى الدماء .. ولكن الفتيات لم يسألهن ولو مرة واحدة .. أين قيثارتهن ..؟ أين .. يخبئن ورودهن الحمراء .. منذ تزوجن من لا يرغبن ؟!
(2)
( الجائعة )
عجوز .. شاردة فى أزقة البلدة ، تبدو غجرية الشعور ، قالوا إن أصلها شجرة .. أم الشعور امتصت أرواح الأمراء العشاق المغتالين .. فتحولت الى تلك العجوز هذه العجوز .. أراها تردد .. على الدوام
ما خاب من استشار .. والسؤال عمره ما كان عيب !
إلا إننى أراها ترفض أطعمة أهالى البلدة .. وممسكة على الدوام بالبارودة .. تصرخ فى الليالى المعتمة
.

تاريخ مواطنة

(1)
(48 .. مصر ) الملكية
جدى يرسل الى " أخوالى " روحه مع شاويش صديق له يدعى " فراج " كانت السحرة تأكل صدر جدتى .. أما أكبادها " أمى وأخواتها " فكانوا يمضغون الصمت ..
ربما وقتها أيضا ، كان عبد الحليم حافظ يتشاجر مع أخرين " بالملجأ " !! وحتى نضع – الأمور فى نصابها – لا أدرى أين كان عبد الوهاب ، وأن كانت أمى وقتها تحب نعيمة عاكف .. فى " أربع بنات وضابط " ؟!
(2)
( 52 .. مصر ) الجمهورية
خالى " عبد الله " صار صحفيا .. ويكتب عن أمال الثورة .. كان عندما يتحدث مع أحد من أخوته يخرج علبة سجائر ذهبية اللون .. فيتذكرون على الفور علاقته الوطيدة مع " ناصر " و" الشيخ الباقورة " .
كانت أمى .. صغيرة وقتها .. تمتم خالى " عبدالله " وإنت يا هانم " فيه مطرب جميل جدا .. سيغنى الليلة اسمه عبد الحليم قد تخرج .. وبدأت أولى خطواته على سلم الموسيقى .
(3)
( 56 .. مصر ) الجمهورية
كانت أمى حاملا فى أخى الاكبر " فتحى " وأبى .. يصرخ وراء الإضاءة التى تنير وجه عبد الحليم حافظ .. وهو ( يشعلها نيران) بموسيقى ملتهبة ويصفق بكل قوته .. صارخا خلفة ( إيييه ) وقد قال " حليم " وقتها ..
إخواانى ..
انتقل خالى وقتها للكتابة فى جريدة " المساء " ؟! .. وإبتاع لأخته راديو جديدا صوة أخى فتحى بالشورت الكمونى واقفا عليه ( دليلى فيما أقول ) ؟!
(4)
( 67 .. مصر ) المتحدة
اختفى خالى " عبد الله " وراء الغيوم .. بعد سلسلة من المقالات ، بدأت أمى تذبل من كثرة الخلفة .. وانحنى عود ابى وهو واقف أمام المجمع الاستهلاكى .. ويتأفف .. كان خالى " عبد الله " يغدق على إخوتى بالنقود ..
كان " فتحى " قد تخلى عن فكرة أبوة ( عبد الناصر له ) .. كانت المحلة لها فريق قوى .. وكان يتابع مباراياته على مقهى الصعايدة وكانت " أختى " فايزة تعلق شارة حداد سوداء على المريلة وحمدى أخى صاخب .. وصلاح الوسطانى يهرب كثيرا من المدرسة كان ابى كذلك يبكى .. وقد أطفىء نور المسرح وكان عبد الحليم مريضا وشاحبا وهو يغنى " عدى النهار " .. والمغربية جاية " بعد أن نام السلاح .
(5)
(73..مصر ) العلم والأيمان
أمي تقوم بتوصيل الخبز إلى السويس وبعدها فى يوم 31 يناير 74 .. كنت أنا أبكى صارخا وأخوتي .. فرحون بوصولي لمحطة الدنيا .. كانت " فايزة " مصدومة لقد أخبرتها القابلة بكونى بنتا ، إلا إنني .. كنت ولدا ؟! وكانت هي متوجه بتاج البنت الوحيدة .. كان أبى فخورا بمولدي .. لم يسمني ناصر .. بل أسماني " محمد " !!
وكان عبد الحليم يغنى .. "عاش اللى قال عدو القنال .. عااش ".
(6)
( ؟.. مصر ) الأن
أجلس على المقهى .. محاولا فك طلاسم روحي .. " محمد " .. أبن أخي " فتحى " يغنى " بابا فين " !!
مازلت أرتب تاريخي .. محاولا فض الاشتباك بين وجه أبى ووجه " حليم " فأجد صعوبة فى ذلك ..
أعود .. لتسألنى أمى .. " أخوك صلاح .. هيرجع أمتي من الخليج يا محمد .." أتابع النشرة حزينا مغموما هل سيقصفوا بغداد حقا ، أغنى .. " فوق الشوك مشاني زماني " .. تمت
( ملحوظة ) أختي فايزة ماتت فجأة
!!

أفريقيا ..آه يا حبيبتى

"1 "
الأفريقى يتوه وسط المدن ذات البنايات العالية ، الأفريقى يموت على صحارى الأسفلت الأفريقى لا يموت من الجوع ، الأفريقى لا يموت من الأمراض ـ الأفريقى لا يموت إلا بيد الأفريقى
الدليل الى ذلك نشرات الاخبار .
" 2 "
الأفريقى يكتب ، الأفريقى يرقص ، الأفريقى كذلك رجل طيب ، الأفريقى الحاكم ، الأفريقى محكوم .. مثله مثل الانسان والله الأفريقى مثله مثل الانسان يحب .. ويحزن ويتألم .
"3 "
" سونيكا " عبيط نيجيريا المدخن لحروف وكلمات الجياع
" محفوظ" التائه وسط خيوط الربط بين الخلق والله
" لومومبا" " ناصر" " ومانديلا " حتى وجهك يا " جاكسون " وصمتك يا
" أنان " به حزن الأفريقى
الآن الأفريقى " يتعولم " يرتدى ما ترتدون ، الأفريقى صار فقط يتألم ، لأنه لم يعد " الأفريقى " بل صار مثلكم وصار مثله ليس كمثل " الانسان " !
" 4 "
الأفريقى يتوه وسط الغابات – أين الغابات
" السافانا " الخضراء العالية – أين " السافانا " الخضراء العالية
الأفريقى .. صار يموت بيد الجميع
الأفريقى .. يرتعد عندما يحاول أفريقى أن يكتب
فقد تكو ن" وصية القارة الأخيرة "
لا يوجد الأن أفريقى
إلا وتجده يقول : أه يا أفريقيا أه يا حبيبى
" 5 "
أنا .. أفريقى
وأشعر شعور أهل قارة " أطلانطس " لذلك أكتب ..
وأحاول أن أكتب

فتاة منتصف ديسمبر

(1)
الخوف قادم على الأرصفة شهيا رائعا رافعا ذراعيه ليعانقني يرتدى معطفا لونه وردى ، وحذاء مطاطيا أبيض يرسل شفرات متناغمة فوق الرصيف ، يبدو الرصيف بيانو ضخم وهى تسير عليه حجر أبيض وحجر أسود بنج توينج توويننج ها إلا تعرفنى ، لا .. لا ..لا أعرفك أيها الحزين الأبله .. أنا الموت ، إذن للموت موسيقاه الخاصة به ، تسمرت فى مكانى ، رواد معهد جوته يبدأون فى التأفف يطلب منى الأمن أن ابتعد قليلا عن البوابة الحديدية ، قالت بألمانية معقدة ما لا أستطيع تخمينه إلا انه الغضب ، الغضب لغة عالمية مثل الحزن والفرح والمرض ، ملامحها الودود جعلتني انزاح جانبا ، " نصير شمه " إمبراطور العود يعتذر لكم حدث خطأ فى الموعد المحدد .. الموعد فى يناير وليس فى منتصف ديسمبر ، نتاشا صديقة روسية ستعزف لكم على الكمان ، تقبلوا بالغ الأسف ، وعزفت ونزفت شهيقا ودموعا وصعدت روحي زفيرا ونحيبا ليس تشنجا كانت ناعمة مثل البلسم .

(2)
يناير والمظلات الواقية من المطر ، ونصير شمه يصافحنا واحدا واحدا كصديق قديم بيننا وبينه وتر مشدود ، كانت هى واقفه الى جواري أردت ان اجعلها تجلس واقف أنا ، لم تسمح بذلك ، عاندت فوافقت انقضت انقضت الأمسية وخرجنا معا نتحدث وأنا لا افهم شيئا ، لا وقت للدعاء وطلبت منها العزف ، فى هذا الطقس المطير ، نعم هل تجيدين العربية ؟ بسيط .. فى البساطة الروعة ، وجلسنا على كافيه المشربية وعزفت .. الرواد قلائل فى مثل ذلك الطقس ولد وفتاة ربما ابناء المرأة الإيطالية صاحبة معرض اللارحات فوق الكافيه ، ورن هاتفها المحمول اعتذرت وتركتنى أحدق فى الفراغ ، و أشعل سيجارة يتيمه ،الأن كلما مررت أمام محل لبيع الأدوات الموسيقية اقف أمام الكمان لأتذكر أناملها ، وعندما تطول الوقفة يأتينى البائع فأبتاع نايا بعشرة جنيهات ، عندي الأن سبعين نايا ومازلت احلم بكمان فى يناير .

الفتاة التى تشبه فان جوخ

المساء ، المطر ، أعمدة الأنارة واشعتها البرتقالية ، وروحى الخاوية منذ تسربت الذكريات من عقلى ، كالماء فى كف طفل مشلول الاصدقاء على المقهى يتضاحكون .
لا احبهم لا أحب أحدا ، قال لى أحدهم أنا صديقك وتفعل فيه ما فعلته ، أنت تريد الحق والا ابن عمه - الحق طبعا ..
طيب يرضيك اجيب حد غريب وافعل معه ما فعلته فيك ..
بداخل كل واحد منهم راغب فى قتلى مثلهم مثل الفتاة التى قطع فان خوخ أذنه لها ، أنا الدنيا ، لا يهمنى أحد ، لا لا بكر قلبه ابيض هذه هى الخدعة قلبى اسود زى قرن الخروب .
لما أظل ساذجا
أهبل
عبيط
لا لا لن أقطع أذنى لذى مخلوق
دلف الطبيب الى الحجرة
شايفه يا دنيا طوال الليل يهذى هكذا
مجنون فيه حد يقطع ودانه برضه .

هىء.. هىء..هاااهاا

القابلة علا صراخها مع أنات أمى وهى تخرجنى إلى الدنيا وجف ينبوع الحياة فى الصدر الضعيف وفتكت الحمى بأمى .. ورفضت أثداء خالاتى وعماتى .. وتعوذ الجميع منى لإننى لم أصرخ مثل كل وليد خرج من رحم أمه بل ضحكت .. ضحكت هكذا هىء هىء هىء هاها ماتت امى ولم ينبت الفول أسفل صينية الابريق ولم تحمنى أمى .. ماتت بعد ليال ثلاث .. وبحثوا نعم كل رجال العائلة بحثوا عن لبن لى .. وبما أن أبى قد بحث كثيرا عن " لبن العصفور " رغم تيقنه من كون العصافير بلا أثداء حتى نصحته القابلة " بلبن الحمير " ؟!
نعم لبن حمير .. الذى ارتضيته غذاء لى .. أصاب الوجوم الجميع .. والحيرة حتى عندما حاولت خالتى ثقب أذنى لتضع فيها فردة حلق ذهبية خشية الحسد تمتم أبى بالسخط .. من سيحسد فال الشوؤم هذا ...
أكل أمه !!
قيدنى خالى عند مفتش الصحة .. لأن فى يوم سبوعى .. لم يعد أبى يتمتم بل ماات ؟
كان الجميع يأخذون حيطتهم منى عقب معرفتهم بقصتى .. إلا أبى " جواد " كان يستبشر بى خيرا .. ويردد على الدوام " إنه شيخ !" " ولد مبارك "؟!
حتى جاء ذلك اليوم الذى أتمت فيه الرضاعة و " فطمونى " على الخبز الاسمر فتقيأت وبكيت ثم أحضروا مرة أخرى " لبن الحمير " فاستسغته وضحكت نعم ضحكت هكذا هىء هىء هاها ؟!
وكان ذهابى للكتاب لدى الشيخ محمود العشرى .. نعم من العشرة والعاشرة وليس من العدد عشرة عرفت الألف والفرق الرهيب بينه وبين كوز الذرة بعد مشقة .. وتعلمت الهجائية وكانت الحروف تحيرنى كيف تهبط لأسفل ولا تذهب لأعلى فعلمت أن بداخل الحروف ذلا لا أتبينه .. وعندما بدأت أحفظ الأيات كان الشيخ العشرى يزدرى ملامح وجهى ويجعل الصبية الصغار يسخرون من خصلات شعرى البنية التى نبتت كذيل حمار بمؤخرة عنقى وكلما رفعت عقيرتى بالفاتحة زجرنى ساخطا إن لأنكر الاصوات " لصوت الحمير .. فأضحك هكذا .. هىء هىء هاها.
وأعود الى الطريق المترب مارا بالترعة فألقى حملى من الأسفار التى لا أفقه فيها شيئا وأخلع جلبابى لأسبح فى الترعة .. بينما النسوة يرمقوننى عاريا ضاحكات .. مذعورا أحيانا .. " والله ما عاد بصغار هذا الولد "
فأحدق فى عيونهن التى لا يملؤها غير التراب وأضحك هكذا هىءهىءهاها؟!
لم أكن غبيا كما تظن زوجة خالى نعم لم أكن "شارب من لبن حمير وغبى " لا كنت أعلم أين تخبىء " البتاو " و" المش " فالتهمة بدوره .. ولا أهتم بصراخها يا أبى عليك فعلا شارب من لبن بهائم ؟! لم يكن ذلك يؤلمنى بل كان يجلدنى ويؤرقنى .. لولا خالى .. الذى كنت أعود له فى المساء لأجلس جانبه على الحصيرة فيداعب الخصلات البنية الواقفة كفرشاة النقاش وأرى الدمع فى عينيه .. كان خالى يعاملنى كحمار.. جحش صغير " وأنانية " زوجته دائما تلكزنى وترفسنى بقدمها .. بمنتهى القسوة ؟!
ومما زاد الطين بله ذلك الاسم الغريب الذى اختاره لى خالى " جواد " "طولون " ما معنى هذا " طولون " عندما سألته وقد التهيت شفتاى من أكل المش ولسعة الطماطم تؤلمنى .. ما معنى " طولون " والدموع فى عينى تعجب قائلا " ده مولانا .. يا بهيم .أنت تطول تبقى " طولون " بالطبع كلمة بهيم من فم خالى جواد كانت غيرت كلمة بهيم من فم الشيخ العشرى ومن فم خالتى أو زوجة خالى " دائمة التعب "
اختبرت السماء خالى جواد بعدم الانجاب فكنت له بمثابة ولده .. صحيح أن الخال والد ولولا حرصة على علامى .. لتركنى الى جوار الحائط الطينى لداره .. وما أعادنى ثانية للكتاب .. مللت من سخرية الصبية والسنتهم السليطة .. فكنت أثناء طريقى الى الكتاب اعرج الى الحقول فأجر المحراث وأنقل الحطب مع الفلاحين الذين أحبونى ربما لجهدى الذى يضاهى مجهود الحمير وكانوا يتركون أمامى الاطعمة الفقيرة .. ويربتون على كتفى بل يصل الحد بهم الى مداعبة الشعيرات البنية النافرة فى مؤخرة عنقى وكأننى " حصاوى " لا إنسان ؟؟ فأكتفى بالضحك هكذا هىء هىءهاها؟!
استحسن الشيخ العشري عدم ذهابي " للكتاب " " شوف له شغلانه يا جواد ده بهيم حمااااروالله حماااار صغير " غضب منى خالى لهذا السبب ونمت فى الحظيرة مع الغنم والبط والاوز .. وحمارته البيضاء " شقاوة التى لم يصبها الذعر لرؤيتى .. فعرفت لأول مرة فى حياتي أروع ليلة فى حياتى .. مازلت قادرا على سرد ما حدث فيها نعم ليلة رائعة هىء هىء هاها .. كل ما كنت أعلمه عن " طولون " أنه مولانا ..؟؟
وعندما حاولت أن أعرف هل معلومات مولانا الشيخ العشرى لا تتعدى هذا أم أنه يفيق فى المعلومات خالى " جواد " فيستحق لقب شيخ بحق وحقيقي حتى أخبرني عن " طولون " ما أجده مفخرة لى أن أحمل لقب مولانا " وأين أنت يا بهيم الله فى حقل " جراوة " من طولون .. السلطان صاحب المقام والدولة .. أنت حمار .. والله حمار صغير ..!! لا أكثر ولا أقل .. ولو كان فى عصرنا الحالى طولون المعظم لأودعك يا ناس ؟!
أصابنى الملل من الهروب من كتاب الشيخ العشرى
أصابنى الضيق من كلمات السب التى تنطلق مثل البارود من فم زوجة خالى ولم تعد " شقاوة " تغدق على بالحنان بعد أن رزقها الله بجحش وعندما شتمتنى زوجة خالى قذفتها بالطوب .. وصرخت فيها " على الأقل الحمير بتخلف " وصرخت زوجة خالى بينما أنا أرفع جلبابى وأهرول ضاحكا هكذا هىء هىء هاها ؟!
وأختبأت هناك فى حقول " الجراوة " ورأيتها تسير حافية على التراب تعفره وخالى يقول لها : أما قليل الأدب وحمار صحيح .. حصاوى والله لأعلقه فى الفلكه النهارده .. ماتزعليش يا " محروسة " بينما أنا أضحك هىء هىء هاها .
فجأة سمعت دوق وسط الحقول .. كانوا الغجر .. نعم الغجر .. الذين حذرنى منهم خالى .. " أتعلم وإلا تبقى نورى وحرامى من الغجر " .
نعم كانت المراجيح الحديدية والخيام يدقونها وسط حقول " جابر اللبان " وتقدمت نحوهم .. ببطء شديد وجدتنى أحمل معهم وجدتنى أحمل معهم وأعمل معهم ..
لم يؤذوني بل كانوا يعاملونني لأول مرة كإنسان نعم مثلما عاملتني "شقاوة " حمارة خالى " جواد " البيضاء أثناء تلك الليلة التى حبسونى فيها بالحظيرة لم يعيروا خصلات شعرى البنية النافرة النابتة بمؤخرة عنقى أدنى اهتمام .. كانوا يضاحكونني .. حتى أخذنى النعاس .. واستيقظت فى الليل على صوت طبل وزمر .
وأهالي البلد كلهم .. فى مولد الغجر .. يدقون الطبول وينقرون الدفوف كانت تجلس الى جوار امرأة فى منتصف عمرها .. وقد تحصنت بالحنة وكانت تبتسم لى .. ثم أخذتنى معها .. وقد خلعت عنى جلبابى البالى وغمزتنى بكوعها فى صدرى عندما رأتنى بعد خلع الجلباب مثلما ولدتنى أمى وتعجبت من فحولتى .. ووضعت على جسدى العارى عباءة زيتية ووضعت فوق رأسى شيئا يشبه مشنة الدقيق .. وأخذتنى وسط دائرة من الناس فأخذ أهالى القرية يصفقون .. تبينت وسط الحضور خالى والشيخ العشرى و" محروسة " .. وحتى شقاوة حمارة خالى كانت مربوطة فى غصن شجرة إلى جوار الدكة التى تجلس عليها " محروسة " وأخذت المرأة تغنى .
يا قطر الندى ..
يا قطر الندى .. يا حب خماروية .. وفرحة " أبن طولون " طولون .. نعم طولون .. سمعت خالى جواد يتمتم وسط الحضور يخلق من الشبه اربعين .. فضحكت هكذا هىء هىء هاها.
وعندما .. فك الغجر خيامهم .. وسار رحالهم .. كنت أجر العربات معهم .

أرحمنى يارب ..لاننى اليك اصرخ اليوم كله

(1)
- " أنا مجنون .. وملعون وبتاع نفسى وأنانى .. إستريحوا بقى "
ربما ولكننى والحمد لله أنا أيضا ولعلنى لست الوحيد .. نعم لست ذلك الشخص الوحيد الذى يقيم لذاته وهو يستنشق رائحة احتراق فحمة قلبه ورائحة الشياط المنبعثة من عظامه والكهرباء القاتلة التى تصعيق امسياتى كل لحظة ...
- محاكمـــة
وبلا هيئة دفاع .. فقط قضاه .. قساة لهم ملامح غليظة وأنياب ذئاب، وأبدو كالحمل الوديع المسالم فوق فراشى المدخن الملتهب وهم يحاكموننى ، وتوجه الى الاسئلة وتكال كذلك الاتهامات وبلا رحمة ومن وجوه أعرفها ـ أولئك – الأعدقاء – وهو لفظ مركب معقد بسيط " من العداوة والصداقة " بل الأمور تتعدى ذلك بل هناك غير الوجوه أشياء وجوامد وكذلك حيوانات .. ولكن الحيوانات تكتفى بالبكاء لأجلى .. " الدم بيحن على رأى أمى " .
- أنا مجنون .. وملعون وبتاع نفسى وعميل وجبان وسافل .. إستريحوا بقى .. وأثناء تلك المحاكمة – العادلة – أجدنى أغنى بلحن غامق وبأغنية شفافة " رايحة فين يا بيضا يا أم شعر أصفر ، رايحة أجيب الورد وأجيب سكر " وعندما تيسر لى الحال ساعتئذ أبتاع " بأثنين جنيه جبن رومى " وزجاجة براندى " وبصوت ممطوط ومطلى بالدماء المتخثرة أغنى أغنية من أروع ما غناه البنى آدميين على وجه الأرض " خمسة عشر رجلا وزجاجة – براندى – " والتى هى فى الحقيقة " خمسة عشر رجلا وزجاجة نبيذ "
ودقيقتئذ يخرج الرجال الخمسة عشر ليؤازروننى فى – المحاكمة – بعدما تأخذنى رياح الكحول الغرب غرب عكسية المطيرة وأبكى ؟!
ويتحول الفراش الى سفينة مبحرة فى وسط شلالات الماضى ونهر العمر الساذج .. ووسط براند الكرمه الصافى ( معمل جورج خريستو 120 PRAND V A KY)
خمسة عشر رجلا يلتفون من حولى بالمقهى " نقيا معا .. نحشو أفواهنا بالسباب والشتائم ونلتهم الجرائد المملة ، عندئذ يضحك منى " مصطفى كبده " عندما أصرخ باصقا على اللافتات التى تملأ الشوارع فى موسم الانتخابات " روحى تلفت أيامى إنطفأت ، وإنما القبور لى وحدى دائما ما كان " ريمون " الذى هو سمين ويمتلك ملامح الملك فاروق بتلك الكلمات .. تفوه !!
يتبق فقط ثلاثة عشر إمرأة فى الحقيقة ... ؟! – فأنا مجنون - ؟!! وكاذب وملعون وبتاع نفسى وأنانى وفضائحى وسفاااح .. قاتل "
" لا تستريحوا الآن كفاية راحة بقى " !!!
" نعم قتلت .. ومين أناااس كثيرة " مثلا تلك المرأة التى تقطن بالعمارة القديمة هى وأبناء لها ، ولد له أنف كالإصبع وولد غامق اللون وبنت شقراء أرتبت فى تلك المرأة البريئة الطاهرة ، ظللت أراقبها ، طلقها زوجها .. ثم عادت إليه لتمارس معه الحب فى دار المسنين ... أنا أعلم ذلك ، قتلت أيضا " إبنتى " نعم فلقد أنجبت من إمرأة روسية الجمال والصنع بنت جميلة .. كانت تغدق على بالنقود .. قابلتها فى شارع جامعة الدول العربية وعلى مقهى " رنووش " إتفقنا على الزواج ؟! نعم !!.. هاهاهاى ... المرأة الروسية كانت حامل .. حامل .. حامل .. ومتورمة القدمين لا دخل لكاظم الساهر فى الموضوع .. نحيفة لها ملامح العنزة .. وكنت أليفا جدا معها .. دخلنا الى " شارع الأشجار خلف مسجد دكتور مصطفى محمود " والليل معتم والسماء تمطر .. وكابل كهرباء مفتوح .. وهى ممسكة بالبنت الطفلة التى تشبه الى حد ما القطة الشيرازى ثم دفعتها بقدمى .. تطايرت الشرارات .. أصابتها صعقة كهربائية .. ولم تصرخ .. وتركتها ومضيت فى الطريق لمقابلة " فتاتى " الرائعة ..." مااالك " " مفيش " ثم ... أخبرتها بأن علاقتنا مريبة بالفعل
وإن أرتداؤها للحجاب فيه تصنع ، الجميع يعرفون " الفيش والتشبيه " الذى يملأ صحيفة سمعتك بالمنطقة ، هروبك الى الاسكندرية ، غيابك عن أهلك لمدة أسبوعين ، الناس تنسى ... إلا أنا .. خوفك الدائم من الكشف عليك لدى الطبيب .. حديثك الدائم عن الفضيلة والأخلاق .. أمك متعددة العلاقات .. علاقتنا معا .. عريك الدائم قبل الحجاب .. تتحدثين عن " عمرو خالد وعمرو دياب " بنفس الاسلوب ...ياااه .. أنا مجنون .. حقد أقاربك ذلك الشخص المرتشى على الدوام والذى يعمل محضر بأحد المحاكم .. وكيف تسرقين نقوده .. ولا يلومك ثم قضية الخلع التى كسبتها أمراته عليه لتتزوج ولد صغير تافه .. له لحية ويتحدث كثيرا عن " الجان " والذى منه " كل واحد يتحدث عن اللى ناقصه " أنا مثلا مجنون ... ولا أدع أننى ينقصنى الجنوون ، بل أنا فى حاجة اليه بالفعل .. مذنب مذنب غير حقيقى ؟!!
- والله حقيقى – أستريحوا ؟!!
(2 )

يتنفس الصبح ، أخرج للشارع ، تفوح من فمى " رائحة السبرتو " أبحث عن أى شىء أكله .. أريد أن أتقيأ .. بطنى خاوية ، أدخن بشراهة .. " السيجارة تجرى ورا الثانية " وهكذا ؟!!
أرى الفتيات يتقافزن فوق أحجار وضعها أهالى الشارع عقب الأمطار كراقصات " باليه " حاذقات .. بل أمهر فراقصة البالية حتى تفتح الحوض تتخلى عن " غشاء بكارتها – وتحمل شهادة طبية بذلك " كما أخبرتنى المرأة الروسية التى قتلتها " فهن قد تخلين عن عذريتهن بإرادتهن الكاملة .. مليء شارعنا بقصص الحب العفنة "
ربما انا الوحيد الذى باستطاعته ان يضع النقاط فوق الحروف ولا يستطيع أن يضع النقود بداخل حقائبهن لذلك فأنا " مجنون " .. وملعون وبتاع نفسى وأنانى .. إستريحوا بقى "
- تلسع قفاى أشعة الشمس – مرق الشيخ طاهر ..
- أنت سكران على طول كده .. ليه يا أبنى حراام أبوك ماكنش كده أبدا .. سكران ليه ؟
- علشان أسابق ظلى .. يا شيخ ..؟
- فكرتنى يا واد يا " معاوية " بالست وأغانى زمااان
- ما بلاش نتكلم فى الماضى يا شيخنا عمرو دياب قال كده
- اسفخس عليك وعلى اللى جابوك
- هىء هىء هاهاهاى .. حلاوتك يا شيخنا ؟! يا بتاع الحاجات اللى أنا بأعملها دلوقتى طيب " فيزا الكويت " وأبقى كويس خذنى معااك السفرية الجاية
ينصرف الشيخ .. تاركا الكلاب من حولى .. فى عيون تلك الكلاب دموع .. خافتة .. غير مضيئة ومعتمة تماما .. إلا أنها تشبه الى حد ما .. عيونى العسلية عندئذ .. أغنى .. " طلعت يا محلا نورها .. البنت الامورة .. تخرج لتثرثر فى تليفونها المحمول .. تمرق الى جوارى ..الوحيدة التى أثق فى طهارتها ..وبرائتها .. ( ربنا ساترها مع مادونا الشارع )
يمكن علشان هيه الوحيدة التى ترجع بعد الثانية صباحا .. بمكياجها الكامل .. وأثناء المحاكمة والتى تبك فيها الحيوانات لأجلى .. خاصة الكلاب وعلى رأى أمى " الدم بيحن ".

أخر ساعة


التوى الأسفلت عند محطة البنزين على ناصية " سينما ديانا " ووقفنا ننتظر الأتوبيس " 82 الذى يراقبنا !"
تضحك قائلة لوا أرادوا معرفة أين نحن .. فقد يقومون بتعليق كاميرا فى هذا الاتوبيس إنه يذهب الى حيث نحن معا دائما .. " أبو الريش .. العتبة .. مجرى العيون .. شبرا .. خلوصى " إنها دعابة .. لم لا تضحك ..؟" .. عارفه سليمان الحلبى اختبأ هنا ، كانت المحطة دى .. حديقة كبيرة .. تسمى حديقة الأزبكية .. طعن "كليبر " بالخنجر وجرى الى هنا .. ينزف حتى وجده الجنود الفرنساوية تأخر 825 على غير العادة .. ضحكت شامتة .. لو أنه يتأخر هكذا على الدوام .. لوجدوا بعد تعليق الكاميرا على الشريط صورة واحدة ثابتة للموقف ولإشارة مرور مزدحمة .. ها ها هاى ..
- أنا جائعة ..!
- جعلت من الجريدة شمسية تقيها حرارة الشمس النازلة كالمطارق على روؤس الجميع وسرنا الى حيث شارع الالفى .. كانت " الدكك" الخشبية مزدحمة تماما .. وعلى كل دكة أثنان عشاق .. أو أثنان عشاق ورجل له كرش ضخم يضع حقيبته ما بين ساقيه ويلتهم سندويتش طعمية ، أو ثلاث سيدات عجائز يتحدثن عن ارتفاع الاسعار وطفلة صغيرة تهرول وراء العشاق بأكياس المناديل " والنبى ربع جنيه ربنا يخلى لك القمر .. يستركم .. والنبى يا أبله والنبى يا أستاذ " كان الجميع يأكلون الفول والطعمية بينما حاتى الالفى قابع على الناصبة الاخرى من الشارع الذى لم تعد تمرق منه السيارات يتململ .. فى ضيق وحارسه يتابع مؤخرات الفتيات المارقات يترجرجن ويشعل سيجارة من أخرى ..
كان المطعم مزدحما للغاية .. دخلت هى .. من الباب العمومى وعادت فى يدها قصاصة ورق وشنطة بلاستيك ومن الباب الفرعى ناولت رجلا يرتدى نظارة سميكة .. الورقة والشنطة وربع جنيه ورجع الرجل بعد أن غاب ثوانى بالسندويتشات .. سمعتها تقول ..
لا لا .. أنا قلت .. عاوزة علبة طرشى كبيرة .
- كبيرة
- أيوه
دخلت إحدى الدكك فهرولت إليها .. عادت تبتسم ابتسامة واسعة " عارفة نابليون بونابرت " كان ساكن هنا فى سرايا الالفى بك ، كان يقوم ببنائها قبل قدوم الحملة .. لم يهنأ بها .. سكنها نابليون ورجاله .. وعندما رحل نابليون تمركز فيها " كليبر" ، وكانت كل المنطقة حديقة واسعة .. ربما لم يكون مكاننا هذا هو المكان الذى قتل فيه سليمان الحلبى .. كليبر ..
- يا سلااام
- أه والله
- طب وانا مالى .. كل .. كل أحسن
- حاضر .. هووه انتى بتكرهى التاريخ
- لأه
- طب ليه
- مش وقته
- طيب ..!!
بدأت الشمس تهرب الى خلف البنايات العتيقة .. وبدأت فلول جديدة تأتى الى شارع الالفى .. وكأنها كتائب للعشاق ..
أختفت " الكروش " والنظارات السميكة والسيدات العجائز وحل مكان كل ذلك بناطيل جينز .. وشعور منفوشه وضحكات صاخبة وكان أحد الأكشاك .. بجوارالمطعم تتسرب منه موسيقى صاخبة وعالية جدا .. والشباب يمرحون ويتراقصون ..
- عارفه ؟
- إيه ؟
- نابليون كان بيعمل حفلات هنا .. نعم وكان الفرنساوية يتراقصون حتى الصباح تماما تماما .. مثلما نفعل الان .
- طيب .. تشرب حاجة ساقعة !
- أيوه ..
كنا نجلس الى جوار كابينة تليفون عمومية .. اقترب شاب من الكابينة وأدخل الكارت الممغنط وناول السماعة لإحدى الفتيات
- أيوه يا ماما .. ورايا درس .. أيوه هاتأخر شوية .. وانصرف الشاب والفتاة .. وضحكنا بأعلى ما فينا
- عارف ؟
- إيه ؟
- نفسى أتكلم فى التليفون .. علشان أقعد ساعة كمان
- عارفه ؟
- أوعى تقول نابليون كان بيعمل كده !!

دموع حقيقية.... لإمرآة

" اليهوذي" الذي استبدلك مات لأنه لم يتوخ الحذر أثناء عبوره الميدان السيارة دهسته فخرجت روحة دفعة واحدة وتمزق الجاكيت الجلدي الجديد الذي قايضك لأجله فلا تحزن ولاتفتم, فتلك هي سنة الحياة, راءتك مازالت عالقة بإيشارب حريري ازرق ألف به  عنقي وأمسح به دموعي لقد خدعتك كثيرا.. كنت استخد ابتسامات كاذبة لا عانق وجهك الرئ.. يا رجل له فراميره الخاصة.. جداَ جداَ, وحين كنت لقدش روحك في السماء المظلمة ليتعثر النجمات فوق منزلنا و تصرع مقيدا أصابعك بالشموع و تبعثر الشلنات الفضية أسفل خطوات الصفار محارتنا.. وتدق علب الصفيح بعصاة رأسها المازوت الأسود الناشف مهللا مع تلاميذ المدارس " كبهلول " مجنون.. لتخرج القمر من ضيقة.. الأصفر المختنق.. وأنا معك من الشرفة بدهشة واستغراب وأمي تقذف إليك بكيس مملوء بحبات الترمس تمنية لك النجاح..كنت اسخر من الجميع قائلة " مش ناقص إلا المجانين كما " إن حتى عندما علق العمال الانور والزينات ليطفئوا قنديل عشقك لتجلس فنروبا باكيا علي درج السلم كنت مازلت صغيرة الضم ضفائري بعمي واربت فوق كتفيك نعم, السعرات البيض الناتية في شعرك من سنين القربة و بكارك الداعي ليل نهار لأنك صرت مجلس علي لمقهى مع أبناء أصدقاءك الدامي لتحتسي عمرك فيا حيث قهوة و تكتب لهم إشعار تقطفها من حوض زهور كرباتك موسادتك التي لا تشي إلا لله بأحزانك حتي عندما حبتك... لاقف إمامك بزي بنت الثانوي المراهقة الفرصة برمان تأخر في صدرها لأترك ورقة لها عبط العشق الذي         لا يعرف الزيف بأحبك قوي قووي قوووي

كنت بالفعل احبك....

كيف أد تصيت بهوانك وأحزابك, كيف اعتدت في العشق و بتمثال ثينووس, امنب بان الأرض ستكف عن الدوران و الشمس ستفف في السماء فدعوة لعبور جيش أحلامك مثلك مثل اسعيان ياااة علي نافورة أحلامك لو انك ادخرت قطع الفضة التي توشوشها بالأمنيات لصار معك نقودا تكفي لشراء عش غرامي للحب ولزرع الأرضية فيرحم الأرض ؟! العاشقة كنت في ليالي الشتاء وقيا

نيادبك الجيران لتصعد إلي السطوح مرتعدا مرتعشا في برد طوبة القاتل.. التعلق " باريال " يبث أغاني عاشقة.. يهفو إليها قليك لنقود إلي غرفتك الصغيرة بالبردم.. تحلم بالتليفزيون "وحليم " بصوته بلون البنفسج لصطيفي الراديو و موجبك الحالمة ليغني.. عمرك ماشوفت معايا فرحة ... كل مرة  ياااة كنت عصبيا ففي اخربات ايامك

تقف علي ناصية الحارة تدخن سيجارة من سيجارة و ذمنك الناتية .. وافقة كمساميرا الشوك الذي كللوا به السيد ؟؟!! لا ماء يرويك لا شئ علي الإطلاق

تسعل و تسعل و السعلات لا تخرج الا ذرات رمال حتي انقضت يد الخيانة عليك

صديقك .. يفرر باحلامك .. كل نقودك من اجل  تاشيرة سفر للخليج .. كل نقودك و مصاغ اختك و فلوس الجمعية .. مع " ام دينا "كل ذلك راح هباء في هباء .. وفي ليلة زفافة نقودك دهسته السيارة ...

لنعتم و تنام حزينا .. ولا تستيقظ علي الاطلاق  لتدفن مسيا ... الا من قليل من الذكري

ايشارب به رائحتك .. قد سرقته في ليالي صعودك المتكرر لسطح العمارة لتعدل لنا اريال التليفزيون 

ياااااة الي هذا الحد كنت تحبني ولم تقول ..

يااااااة لم تري خيانة اخي .. "اليهوذي "

الذي باعك .. و سرقك ..لكم انت طيب  القلب و مظلوم يا " معاوية " . 

فى معانى الابتهاج

نصوص مهترأة
نص (1)
نصف مهترىء
قبل سبتمبر المشئوم كنا نخلع أحذيتنا ونأخذ زينتنا بالمسك والجلاليب الناصعة البياض أمام كل مسجد
الأن صرنا نخلع أرديتنا
ويفتشون رؤوسنا بصالة كل مطار .

نص (2)
ممزق تماما
البنت التى كانت بانتظاري خارج مطار سان فرانسيسكو على أحدكم أن يقدم لها اعتذاري ..
معى رقم هاتفها الجوال أرسلوا إليها فقط
حبيبتى سامحينى سامحينى
فلقد أعتقلونى لأن بشرتى سمراء .

نص (3)
النص الشبح
سأتيك كل مساء .. ليس على براق .. ولا عبر غرف الدردشة الإليكترونية ..
فلقد حطموا الكمبيوتر الخاص بى .. سأتيك عبر الريح وسأرسل روحى مع بابا نويل ..
فأرجوك يا محبوبتى اخبريهم .. بأن هديتى هى هديتى التى لم تتكرر منذ أعوام .. عروسه تشبهك تماما وليست دمية معدة للانفجار .. لها تجعليهم يمزقونها مثلما مذقونى ..
سامحينى ..
ولا تسامحيهم ..
هؤلاء قاتلى الحب .

رؤيا البابلى .(.صاحب النيران الصديقة )

(1)
" إصحاح صاحبة المقام "
أخبرتنى والقيظ مطارق فوق عظامى الهشة ، بعد أن جذبت الحلقة الفضية من حلمة أذنى وتحنى لى شعرى من ماء " دجلة " إننى هو .. ذلك الذى أخبرتها النجمات عنه عندما كانت تكنس بطرحتها .. مقام سيدى على ذلك الذى كرم الله وجهه البارىء شاخصة ببصرها فى الهضاب العالية .. باكية " سيأتى وحيدا .. وسيمضى وحيدا " أحمر العينين .. ذو شامة الى جوار أنفه الحاد .. الهابط من جبهته إلى شق أحمر لون التوت الأسود .. و فى عينه اليمنى دمعة من عسل شققت ثوبى ، لاغيا إياها .. وهرولت على المستنقعات ساخطا أكور الطين وأقذفها .. " يا مجنون عقب سبك لى ..ستعود إلى .. فعدت إليها .. و ناولتنى " أرغول" مصنوع من البوص النابت على شواطىء " دجلة " وأستمرت فى الحديث حتى أصابنى إعياء ووهن ..
وعندما .. ستلاقى أهلك .. تموت ؟!!
كنت أجوب " ألاهواز " شاقق ثوبى ممزعه ، أعزف على الأرغول عزفا غبيا .. حتى رأيتهم من بعيد يزحفون .. فى طابور مدرع .. من فوق الجسر نحو كربلاء ".
ألتئم الشق فى جلبابى وعصفت بى الريح .. وهبت فى جسدى .. الواهن رياح قوة .. يومها سألتهم .. من أنتم .. ؟ تركونى هازئين من صورتى القميئة .
(2)
إصحاح الإبــل
كانت الإبل تقترب ..منى .. فى عواصف السموم .. وتحفا من وميض غامض تشع عيونها به أخذت أعزف .. "بالأرغول" مغنيا أغنية " عشتاريه " قديمة .. نامت الإبل الحمراء إلى جوارى عندما .. نمت أنا كذلك .. وجدت بين ثيابى طيات من تعاليم " حمورابى ":
أنت يا من تكنس .. مقام .. من كرم الله وجهه
أنا .. أنا .. هكذا صمت خائفا
ها هى نار تأتيك سابحة على أمواج دجلة والفرات
.. تبعتنى الإبل .. تومض .. فى المساء .. والرياح السموم تؤرجح ذرات الرمال ..وحسبها القادمون من " الأرض البعيد القوية " طابورا من الآليات المدرعة أصابهم الذعر .. وهم يرشقونها بالقذائف والمدافع الثقيلة .. أصابهم ذعر شديد
فى الصباح .. تفرقت الإبل .. على الطرقات
حسبوها الموت .. عندما هرولت بالإبل عازفا بالأرغول عدت إليها .. كانوا قد قذفوا بعضهم البعض بالنيران .. كانت تكنس بشالها .. قبر الإمام .. على
أخبرتنى .. وهى تناولنى ثمرة بيضاء .. سيقولون عنك غدا .. نيران صديقة .
(3)
إصحاح الكلاب المتفجرة
أخرجت الخالة العرافة .. لى قطع لحم نيئة قالت لى أقطعها ..
قلت لها لا أستطيع .. أمضغ هذه أكباد الأعداء .. تبلتها بالفلفل والبهارات " الهندية "
أخرجت " كتاب أشعار للأمام " . عليك بمصادقة الكلاب بدأت كلاب تقترب منى .. ولا تمس ثوبى الاسود ..
أخرجت من سيالتها بعض من بارود .. خلطته بالنفط فأبتلعته الكلاب كانت الكلاب تنتفخ وتنتفخ .. قالت لى أرعها .. كما يرعى الراعى حملانه .. " كيف لى .. بأن أرعى كلاب نجسة " أخبرتنى بأنها كلاب .. تلتهم أكباد الخنازير ..؟ الأغراب
سقها بالأرغول .. هم قادمون من فوق ذلك الجسر " بكربلا" كنت مرتجفا مرتعدا مذعورا .
كانوا قادمين ؟!! من بعيد .. يلقون لى بأكياس صفراء مملوءة بالحلوى .. عندما عزفت والكلاب تقترب من طابور مدرعاتهم أنفجرت الكلاب بمدرعاتهم هلعوا .. ومات منهم من مات .. عدت اليها .
أخبرتنى وهى " تمضغ العجوة والتمر المسكر " وتعصبها لى وتضعها .. فى فمى .. غدا سيقولون عنك .. مجرد نيران – صديقة .
(4)
" إصحاح الموت "
سيأتى وحيدا ..
ويعيش وحيدا .. وعندما سيأتى إليه أهله تموت
اليوم .. هم هناك بساحة المطار نائمون .. خذ هذه الحفنة من التراب الأبيض .. أنثرها من فوق رؤوسهم وهم يعبرون بأسفل البنايات المحطمة بأسلحة العناقيد وأبسط كفيك لله بالدعاء .. ستسقط الى الفرات نثورهم الحديدية .. سيأتى إليك أهلك .. عندما يخرج .. الصيادون البسطاء من الفرات بشباك ضعيفة " النسر الحديدى " سيقذفهم أهلك بالنيران وتمون .. كانوا نائمين بالمطار .. ووجوههم مغطاة بخراطيم تشبه انوف وخضم الخنازير ..
أقتربت منهم وأنا أذبح .. باسم الله .. الله أكبر .. عندما رأيت شبيها لى ..
يبتسم .. ويقول أنا من أهلك ومن ترك أهله هلك ..
فرحت فى سبات عميق ورؤيا النصر تملؤنى ..

مقال نقدى عن المجموعة القصصية الثالثة للقاص محمد حسين بكر للناقد الشاب احمدحسن

محمد بكر
جدلية الميلاد والرحيل

كنت أود أن يكون محمد بكر بيننا الآن، محتفيًا بصدور كتابه الجديد "عبد الله المسكين له .. ولأحبابه" لكنها حكمة الأقدار؛ أن يأتي الاحتفال بالميلاد متزامنًا مع الذكرى الأولى للرحيل!
ولا أدري هل اختار بكر عنوان مجموعته القصصية أم هو من اختيار زوجته "سهى زكي" التي أشرفت على طباعتها، لكنني على أية حال لا أستطيع أن أغض الطرف عن المراوغة الأسلوبية التي تكمن في صيغة العلم «عبد الله المسكين» التي تنصرف للوهلة الأولى إلى شخص محدد يدعى "عبد الله"، ثم إذا بها تتحول إلى دلالة النكرة؛ على اعتبار أن جميعنا عبيد الله وجميعنا مساكين، لكننا عند قراءة القصة المعنونة بالعنوان ذاته سندرك أن دلالة الاسم تنصرف إلى شخصية "جمال الشامي " يقول: (أنا راجل بتاع ربنا ... وعارف إني مسكين، ناولت جيب سيالتي وخلعت جلبابي المهترئ للأيتام) ص64.
على أن هذه الشخصية الغريبة بطبيعتها التي تقف على الأعراف بين الوعي واللاوعي تكاد تكون أحد أقنعة بكر القصصية، لاسيما أن المتن القصصي يتكئ على "ضمير المتكلم" في أغلب القصص، أو يستحضر علاقة الخطاب "الأنا / أنت" على طريقة التجريد القديمة كما في قصة "جبروت الصعلوك"، بل إننا نرى في بعض القصص التي توظف ضمير الغائب حضور القاص حضورًا سيميولوجيًّا بالإحالة إلى اسمه "بكر" أو "ابن حسين" كما في قصص (من أوراق الوراق) و(المحروم من الورد) و (التكرار لا يفيد الشطار) مما يختزل المسافة بين الأنا الساردة والأنا الواقعية المتبدية في الإحالة إلى الوقائع الحقيقية بشخوصها المعروفين في نطاق الزواج والأسرة والأصدقاء أكثر من الإحالة إلى علاقات سردية متخيلة.
وقد هيأ حضور الأنا الساردة بشخصها وعيانها وعلائقها الاجتماعية للمجموعة القصصية أن تقترب من روح الشعر في كثير من القصص؛ حيث حميمية البوح وتكثيف السرد ودفؤه، فضلًا عن استعارة كثير من تقنيات الشعر وأبرزها الأداء بالصورة، كما في (آخر يوم في حياة فان جوخ) حيث اللعب على شاعرية الألوان وتحويل اللون من دلالته الأولى المتعارف عليها إلى دلالات أخرى تعبر عن تنامي الموقف السردي من ناحية، وتجيد رسم شخصية فان جوخ من ناحية أخرى، وكذلك اللعب على تقنية المفارقة في كثير من القصص؛ حيث نرى السارد في مقطع (هروب) ص16 يرصد المفارقة بين عالمين متناقضين في شبرا يفصلهما فقط نهر النيل، معيدًا تأويل عبارة فيلم صلاح الدين "اللعنة على الأبراج" لتتحرك من دائرة الصراع العسكري إلى دائرة الصراع الطبقي ص17.
بالإضافة إلى الاتكاء على منطق (التدويم العاطفي) كما في قصة (إنها أمي) إذ يبدأ السارد من لحظة داخلية تؤكد علاقة الحب بينه وبين أمه، وتنطلق من الداخل إلى الخارج في حراك من المركز إلى أطراف الدائرة وهكذا، مما يجعل القصة أقرب إلى روح الشعر التي كثيرًا ما تتواشج مع نمط السرد المنتمي إلى فضاء السيرة الذاتية، الأمر الذي يجعل المتن القصصي –في تصوري الشخصي- معادلًا رمزيًّا حميمًا لحياة محمد بكر القصيرة التي تبدأ بلحظة الميلاد مع القصة الأولى (هيء هيء .. ها ها) حيث تتجلى صراعات الأنا الساردة المؤرقة والمؤرقة –بكسر الراء وفتحها- منذ ارتدائها قناع الوليد الذي نزل إلى الدنيا ضاحكًا ساخرًا على غير عادة الأطفال، ونتتهي بتحوله إلى شبح يمارس الترحال والتأمل ويعجز عن الفعل، كما في قصة (سيدي الجليل .. الحزن) في تكريس لحساسية البطل الضد التي يشي بها عنوان المجموعة القصصية أولًا، وطبيعة شخوصها ثانيًا، والعوالم الهامشية التي يتحركون فيها ثالثًا.
رحم الله الصديق والإنسان محمد بكر

أحمد حسن

سيناريو فيلم ممّل


 الناحية                                               خارجي / نهار

 يقف علي الناحية تحيط به السيارات المركونة بطريقة عشوائية و عيونه مُعلقة إلي البلكونة التي لا يقف فيها أحد علي الإطلاق بأسفل البلكونة ( المنجد ) يقوم بتنجيد القطني و صوت الماكينة عالي جداً.. أعلي  من صوت الكاسيت الذي يدور بداخله شريط لأغاني الأفراح بصوت ( فاطمة عيد )

" قولوا لأبوها إن كان جعان يتعشى "

تزحف الكاميرا ببطء شديد إلي عين ( معاوية ) وتسقط دمعة كبيرة إلي جوار حذاء ممزق وجسم الحذاء الممزق و الدمعة يحتلان الشاشة وموسيقي و غناء فاطمة عيد يعلو و يعلو فتخلطا بصوت الماكينة.

 شقة جنة                                                    داخلي / نهار

ورقة بيضاء وقلم يجري عليها لتظهر الحروف بدقة ( قائمة منقولات الآنسة / جنة.... الذي يكتب ( أبو جنة ) رجل عجوز أصلع...... و ( شهاب ) و أمه عجوز متصابية و التي تجلس تدخن و يبدو عليها التأفف من رائحة الشقة الضيقة

و ( أم جنة ) سيدة مغلوبة علي أمرها.. فاضية و عاملة مشغولة و ترحب بالجميع.. يتحدث ( أبو جنة )

- أماّل فين الوأد محمد نادوا له علشان يمضي علي القائمة

تقترب الكاميرا " كلوز أب " إلي وجه ( جنة )المغطي بالمساحيق .. تصرخ ( أم جنة )

-    قومي يا عروستنا أعملي شاي للمنجد.. تبحث (أم شهاب ) عن مطفأة للسيجارة فلا تجد فيزداد غضبها.. و تأففها

 * حجرة تحت السلم

يجلس ( معاوية ) قابرا رأسه بين كفيه وكوب من الشاي علي مكتب قديم وغير مرتب بالركن الأيمن للحجرة شبة المقمة و ذلك لأن الشمس لا تدخلها ( معاوية ) يبكي في مرارة و بدون صوت و حصيرة بلاستيك ممزقة في منتصف الحجرة و البلاستيك نافر منها مثل حشائش الحدائق ثمة صورة لكاظم الساهرة معلقة علي الجانب الأيسر و إلي جوارها دولاب من الصاج ( ايديال ) به قميصان و الثالث يرتديه ( معاوية ) و أحدي ضلف الدولاب مفتوحة ولا صوت غير صوت تروس مروحة السقف المتآكلة ( تبدو محتاجة إلي شجيم ) ويصدر منها صوت تكتكة

كتف ( معاوية ) يظهر وحده علي الشاشة وأمامه صورة والده عامل السكة الحديد وفجأة يهبط عليه يد صغيرة.. ناعمة و بياء و صوت جنة المفاجئ...

-         نزّلت للمنجد الشاي و قلت أجي أصل عليك والله غصب عني

-         أبعدي عني.. أخرجي أخرجي ( يقولها من خلال البكاء )

-         وطي صوتك يا أبني ( صوت أمه )

-         قلت أخرجي أخرجي.. أخرجي

-         و تخرج مهرولة.. فيما هو يظل يبكي في مرارة

( ملاحظات اللجنة التي عرض عليها العمل )

-         سمة الحزن شديدة.. و الفقرات الصامتة

-         لغة الحوار ركيكة

-         هذا  لا يحدث في الواقع وهو يعرقل أمال الشباب في الزواج..؟؟!!

( ملاحظات المنتج )

-    شوف يا أبني نحن لا نريد ذلك بخصوص المشهد رقم (3) كان ممكن يحصل ( سيكس ) و يتواعدوا علي الهروب مثلا.. و يبداؤ قصة كفاح جميلة

(ملاحظات المخرج )

-    شوف يا أستاذي كان لازم يكون ( مُغني ) يعمل أي حاجة تانية ( بلاش حكاية شاعر دي ستينات خالص) لازم يكون مغني علشان

-         يحصل صراع.. تهرب من جوزها المفتري و بعدين ده ورقة و قلم ومش مكلف

( ملاحظات المؤلف )

عندما عاد ( معاوية ) من رحلته داخل الأوراق وبعد مقابلة اللجنة وجد أمه تبكي.. عندما نظر إلي آخر الشارع.. رأي عن بعد منجد و ماكينة.. وناس واقفة